الجمعة، 24 فبراير 2017

ملخص المحاضرة الخامسة - العقيدة


سنتناول اليوم إن شاء الله أبرز صفات أهل السنة والجماعة المتعلقة بالنصوص الشرعية مقارنة مع صفات أهل البدعة والضلالة ؛
وإن شئت فقل "أصول أهل السنة في إثبات مسائل العقيدة"
والحديث أو المقارنة تكون في أربعة أمور :
أ‌- الموقف من النصوص الشرعية.
ب‌- الجمع بين النصوص الشرعية.
ت‌- المحكم والمتشابه من النصوص الشرعية .
ث‌- العقل والنصوص الشرعية.
فأهل السنة والجماعة لهم صفات وأصول في إثبات مسائل العقيدة تختلف عن أصول أهل البدعة والضلالة ويتميزون بها عنهم

 الصفة الأولى : الموقف من النصوص الشرعية

من ناحية التعظيم والتسليم :

موقف أهل السنة

هو الإيمان والتسليم للنصوص الشرعية فهذه النصوص كلام الله وأحاديث النبي هي وحي من الله تعالى فيعظمون هذه النصوص في نفوسهم ويؤمنون بما فيها من أخبار ويمتثلون ما فيها من طلب.
¤ وذلك اتباعاً لقوله تعالى :(( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)).
¤ وقوله تعالى :(( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهمُ الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً. ((
¤ وقوله تعالى :(( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم. ((
¤ وقوله تعالى:(( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)).

أما أهل البدعة والضلالة

فعندهم استهانة بالنصوص الشرعية وتجدهم يردون ما يستطيعون رده من أحاديث الآحاد إذا خالف هواهم ومعتقدهم ، أما إذا كان قرآن وخالف هواهم فإنهم يتسلطون عليه بالتحريف ويسمونه تأويل وهو في الحقيقة إلحاد في كلام الله وكلام رسوله .
¤ وذلك بسبب الجهل والهوى، والمخالفة لإصولهم العقلية.
¤ مثال: الفرق الكلامية المخالفة لإصولهم الكشفية.
¤ مثال: الفرق الصوفية المخالفة لإصولهم الفلسفية.
¤ مثال: الفرق الباطنية.

الصفة الثانية : الجمع بين النصوص الشرعية


أهل السنة والجماعة

يجمعون النصوص الوارده في الباب الواحد ويعملون بجميع النصوص وفق منهج صحيح واضح .
¤ يعملون بجميع النصوص سواء كانت نصوص وعيد أم نصوص وعد.
¤ يعملون بالنصوص التي تدل أن للعبد قدرة وإرادة وإختيار.
¤ يعملون بالنصوص التي تدل أن كل ذلك بإرادة الله ومشيئته وقدرته سبحانه وتعالى، وللعبد مشيئة ولكنها تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى.
¤ يعملون بجميع النصوص، وذلك لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:(( مهلاً يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذّب بعضه بعضاً، بل يصدقُ بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردّوه إلى عالمه )). أخرحه أحمد، وصححه الأرناؤوط.

أهل البدعة

 يعملون ببعض النصوص ويتركون البعض قمثلا يعملون بنصوص الوعيد فقط كالخوارج والمعتزلة أو يعملون بنصوص الوعد كالمرجئة.
¤ يعملون بالنصوص التي تدل أن للعبد قدرة وإرادة وإختيار ويغلّبون تلك النصوص على النصوص التي تدل أن قدرة العبد تحت مشيئة الله تعالى(( القدرية.((
¤ يقولون أن العبد يشاء أعماله الشر، وأن الله تعالى لا قدرة له على تلك الأعمال، فعظموا قدرة العبد والشرع ولكنهم قصروا في قدرة الله، وأخرجوا بعض الأعمال من أن تكون تحت إرادة ومشيئة الله سبحانه وتعالى(( القدرية .((
¤ أما (( الجبرية )) فقد عملوا بالنصوص التي تدل على قدرة الله تعالى وإرادته حتى أنهم أضعفوا أن للعبد قدرة وإرادة وإختيار، وقالوا أن العبد لا قدرة له ولا إرادة حتى قال بعضهم العبد كالريشة في مهب الريح.
¤ يعملون ببعض النصوص دون بعض لموافقة بدعهم(( القدرية والجبرية والخوارج والمرجئة .((

الصفة الثالثة : المحكم والمتشابه من النصوص الشرعية 


 أهل السنة

ما تشابه عليهم من النصوص فسروه في ضوء المحكم .
¤ يفسرون المتشابه في ضوء المحكم في النصوص الشرعية، وذلك لقوله تعالى:(( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌّ من عند ربنا وما يذّكّر إلا أولو الألباب.((
¤ يعتصمون بالنصوص الشرعية، وذلك لقوله تعالى:(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً))[ المائدة: 3ِ].
أما
 أهل البدع
يأخذون جزء من المتشابه الموافق لبدعتهم ويجعلونه الأصل والمحكم يفسرونه في ضوء المتشابه الموافق لأصولهم.
¤ يفسرون المحكم في ضوء المتشابه في النصوص الشرعية لموافقة بدعتهم(( المرجئة والصوفية .((
¤ يعتصمون بالآراء والأهواء لموافقة بدعهم.

الإحكام والتشابه العام في القرآن 

الإحكام العام

القرآن كله محكم أي أن كله متقن .

التشابه العام :

القرآن كله متشابه أي أن كله متماثل ومتناسب يصدق بعضه بعضا.
-
التشابه العام للقرآن لا ينافي الإحكام العام بل هو مصدق له .
فإن الكلام المحكم المتقن يصدق بعضه بعضاً، لا يناقض بعضه بعضاً.

الإحكام والتشابه الخاص في القرآن 

الإحكام الخاص :

القرآن بعضه محكم اي فصل لا يشتبه على أحد مثل قوله تعالى (فصيام ثلاثة أيام)

 التشابه الخاص:

وبعضه متشابه أي يشبه غيره من وجه مع مخالفته من وجه آخر. بحيث يشتبه على بعض الناس أنه هو أو مثله.

•°• الإحكام الخاص ضد التشابه الخاص، فالإحكام الخاص هو الكلام المبين الذي لا يحتمل إلا قولاً واحداً، بخلاف التشابه الخاص فهو مجمل يحتمل أكثر من معنى

 الصفة الرابعة : الاعتصام بالنصوص الشرعية

 أهل السنة والجماعة

 يعتصمون بالنصوص الشرعية كما قال الله ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ويلتفون حولها كما يلتف الاسوار حول المعصم ويتمسكون بها تمسكا عظيما.

أهل البدعة والضلالة

 يتمسكون بآرائهم وأهوائهم لموافقة بدعتهم


العقل والنقل عند السلف والموقف بينهما في النصوص الشرعية


- العقل عند أهل السنة هو الغريزة المدركة التي خلقها الله عز وجل وندرك بها الضار من النافع والعلوم الضرورية والعلوم النظرية اليقينية والعمل بمقتضى العلم .
-
والنقل عند أهل السنة هو الوحي الإلهي " كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"
•°• إمكانية تعارض العقل والنقل عند السلف غير ممكنة، لأن كلاهما من الله، فالذي وهب الإنسان العقل هو الله، والذي أعطانا هذا الوحي هو الله، وأمرنا بإعمال عقولنا في هذا الوحي فهماً وتدبراً وحفظاً، ولا يمكن أن يأمرنا بتدبر ما ترفضه العقول السليمة.
•°• الحل عند تعارض العقل والنقل عند السلف هو تقديم الوحي على الآراء، لأن العقل البشري مهما تحرر فهو محدود وعرضة للخطأ وعدم الفهم، ولأن العقل السليم قد صدّق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في كل ما جاء به، فوجب عليه الإيمان، وإن لم يفهم في بعض الأحيان، ولأن الوحي قد يأتي بمحارات العقول، فتحار في الكيفية مثل كيفية صفات الله، وكيفية ما يكون في القبر، ولكن العقول لا تحيل ذلك، فوجب التسليم للنقل عند حيرة النقل.
•°• الإستقلال عند السلف هو الوحي الإلهي المقدم في تلقي العقيدة والشريعة، بما فيه من أدلة عقلية وسمعية، وأما عقول البشر فهي تابعة للوحي غير مستقلة، وإن كانت تدرك كثيراً مما جاء به الوحي من العقيدة والشريعة.

-
أما العقل عند أهل البدعة فكلٌ يفسره بمقتضى الأشياء التي يؤمن بها فعند الفرقة الكلامية العقل هو الأصول والقواعد التي في علم الكلام.
-
الاختلاف بين أهل السنة وبين المتكلمين في مسألة العقل والنقل عند المتكلمون:
•°• العقل: هو القواعد والأصول العقلية الموجودة في علم الكلام.
•°• النقل: هو الوحي الإلهي.
•°• إمكانية تعارض العقل والنقل عند المتكلمون، لأن التعارض واقع عندهم، فالقاعدة العقلية أن الله لا يكون جوهراً ولا عَرَضاً ولا جسماً تتعارض مع اثبات الصفات الذاتية للّه كالوجه واليد والساق والقدم ونحو ذلك، والقاعدة العقلية أن الله لا تحل به الأعراض تتعارض مع اثبات الصفات، والقاعدة العقلية أن الله لا تحلّ به الحوادث تتعارض مع اثبات الصفات العقلية.
•°• الحل عند تعارض العقل والنقل عند المتكلمون هو تقديم العقل على النقل، لأن في تقديم النقل عندهم قدح في العقل، والقدح في العقل سيعود بالقدح في النقل، والنقل إن كان آحاداً ردوه، وإن كان قرآناً أو متواتراً أوّلوه أو فوّضوه.
- عند أهل السنة لا يمكن التعارض بين العقل والنقل فالله هو الذي وهب لنا العقل وأنزل إلينا النقل وأمرنا بتدبره بالعقل فإذا كان هناك تعارض فكيف يأمرنا الله بتدبر ما لا يقبله العقل وهذا مستحيل فبذلك لا يمكن وجود تعارض البتة بين العقل وبين النصوص الشرعية.
-
إذا كان هناك توهم تعارض فأهل السنة يتمسكون بالوحي الإلهي ويتهمون عقولهم ويقولون هي التي لم ترقى إلى فهم كلام الله وكلام رسوله.
•°• الإستقلال عند المتكلمون يرون أن العقل حاكم مستقل بإدراك كثير من أمور العقيدة، وبينهم خلاف في أمور الشريعة كما هو معروف مسألة التحسين والتقبيح العقليين في الخلاف بين المعتزلة والأشاعرة، فالمعتزلة يرون أن العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها والثواب والعقاب مترتب على إدراكه، و الأشاعرة يرون أنه لا يدرك، وإنما عرفنا حسن الأشياء وقبحها بالشرع فحسب.:
- -
أما أهل البدعة والضلال فيقدمون القواعد التي عندهم في علم الكلام على نصوص الوحي الشرعية.
-
عند أهل السنة العقل تابع للنقل وليس مستقلا بأمور العقائد
-
أما عند أهل البدع فالعقل مستقل بأمور العقائد ومقدم على النقل في ذلك.
والحمد لله رب العالمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق